top of page
شعار مداد.png

أبسط مما نظن

إن الخطر كل الخطر، هو أن نفترض حتمية الوصول إلى المنال، حتى مع بذلِك مجهودًا عتيدًا، وحملِك عتادًا متينًا، فإن الرحلة المُحمّلة بهذه الافتراضات والمنسوجة بأخطاء التفكير، فإما الأبيض أو الأسود، أو لا سواهما، لا مناص من فشلها.


ماريا العزيزة، إنني أخاطبك بقلبٍ عطوف وشعورٍ خفاق، يجب أن تؤمني بأنه من اللازم علينا أن نحيا، بأقل قدر ممكن من المخاطر التي تورث الندامة، فليس في يدي حيلة، ولا في يدك حل، إننا بشر ضعفاء لا نملك من الدنيا سوى المشي جانب الجدران المتهالكة، ونقول السلامة!


فهذه المحاولات تبوء بالفشل الذريع مرارًا، إنك تطرقين ذات الباب كل يوم، وتشعرين بالإحباط يومًا بعد يوم، يجب أن نتطلع إلى بابٍ آخر، وفرصةٍ أخرى، وحيواتٍ تكاد تكون معدومة عن عينيك الشقيتين، لأنهما تعودتا على صرف الوقت وهدر الموارد، دون أن تحصلا على نتيجة، فأين وقتك الثمين؟ وروحك الهزيلة؟ من تلك المحاولات وذلك النضال؟


هذه الحياة أبسط مما نظن، فإذا لم أكن أضمن بأنني سأكون على قيدها بعد ساعةٍ من الآن، أم سأغادرها قبل أن أتمم حدثينا معًا، فأنى لنا أن نضمن نجاحاتنا ومستقبلنا وأحبابنا ومخططاتنا؟ أليس ذلك عبثًا؟ أن تقفزي هنا وهناك وتدوري حول ذات الباب الذي لن يفتحه لك أحد؟ أليس في التخلي فرصة لتجلي الحياة التي تستحقين؟!


يقول صديقي الطبيب النفسي فرانكفورت، وهو الطبيب المداوي لعمك، من الجنون الذي أصابه قبل أن تولدي، صحيح بأنه لم يكن شفاءً حقيقيًا، لكنه على الأقل ساهم في السيطرة على حالته، المهم، أنه قال بأن العديد من المرضى يتماثلون للشفاء، فقط عندما يتخلون عن أحلامهم الفاشلة، التي يستحيل الفوز بها أو الاقتراب منها.


فالاكتئاب والقلق وجميع الآفات العصبية، لن تلمس منك شعرة واحدة، إذا ما آمنت روحك بما أقول، فلا طائل من المنافسات والحروب الضروس حول مهنةٍ ما، أو لأجل هدفٍ بغيض، بات خيالك يجبرك بأنه لك، وأنك أهل له، إن الاستسلام في أحيانٍ كثيرة، فضيلة يجب أن نتحلّق حولها ونتطلّب رضاها، لأنها الوسيلة الجديرة لعيش حياة طيبة.


العنود العتيبي



٣١ مشاهدة

أحدث منشورات

عرض الكل

مشاعر

Comments


bottom of page