ما أكثر الضحكات، وأمتع اللحظات، وما أجمل هذه الابتسامات المطمئنة التي تملأ المكان بزواياه. سرور طروب يحب الناس، ويهوى الحياة بقلوبهم. ناس تحب الناس، وتركض لتلبي نداءاتهم. أما القلوب؟ فيكسيها الأمان، وتزرع نبات الحب وتسقيه فرط المحبة. ربيع ورود ورمان، وسماء مبتهجة بزينة وأطيب حلّه. هذه صورة العيش، التي آنستها في الحياة السرية. ولدت كما كل باقي البشر، وأنا لا أفقه الواقع، ولا الخيال، ولا غير ذلك. الواقع هو من عرفني، تودد إلي في طفولتي، عبر تشويقي بأماني المستقبل، أن أكون طيارة، مهندسة، أم أرضع أطفالي كما باقي الأمهات، والأهم من ذلك؛ عارفة. عارفة للخفايا، والحقائق، وقصة الحياة، بدايتها ونهايتها، مكوناتها ولعبتها. وملأني بأعجب الوقود! وهو ألا أجهل! كان يتمتم في أذني بأني "سأكبر وأعرف كل هذا".
أغواني واستجبت بإقدام جبّار. ثم كبرت، كبر بي الواقع؛ فصار الواقع أسئلة، أسئلة تفصيلية، ثم أشمل، ثم أشمل؛ حتى أصبحت أسئلة واسعة الشمول. أصبح الواقع غريبا متنكرا، يناديني طوال الوقت لأكشف هويته، فنّان في الخداع واللعب والتشتيت. حاولت ألا أفقد ذاك الإقدام على المواجهة، ولكن الظلام ساد، وطاح الليل عليّ، ورأيت النجوم ملتهبة هائجة لا منيرة باسمة كما كانت. أصبحت أركض أبحث عن رفاهية تحت ظل الإجابات ولكنها هي الأخرى ضاعت في الواقع. هذا الواقع الخائن، الذي يكشف صعوبة معايشته يوماً بعد يوم، تنكّر للحياة أيضاً؛ حتى صارت تحت مظلته، تائهة في الظلام.هناك نور، ساطع، وواسع المدى، يجول في الإجابات، ويُغنيك عن سير المتاهات، ويُكْرِمك بلحظات تعيشها بتلك الطفولة، يأتيك من تلك الحياة السرية.
رغد النغيمشي
コメント