لا أعلم ما حدث له في ذاك اليوم الماطر، لكن أن أجده يبكي في هذا الوقت المتأخر من الليل أمام منزلي فهو أمرٌ غريب فعلًا..
أوه مهلًا، طفلتي الصغيرة تقف بجانبه، وهي تبكي أيضًا!
ماذا يحدث هنا؟
هممت بالاقتراب، لكن صوت نحيبها أوقفني..
لا أعلم لماذا، لكنها كانت تنظر لي بشيء من الحزن حين احتضنها هو "طفلتي الصغيرة" لطالما اسميت ابنتي ملاذ بذاك الاسم؛ فهي ملاذي بعد رحيل والدتها حين كانت طفلة بعمر الشهرين، وهي تلك الآنسة الراشدة الجميلة بين يدي حازم، وهو بالمناسبة من طلب يد ابنتي مرةً فرفضت، وأجبرتها على رفضه في المرة الأخرى.
حسنًا قولوا ما شئتم عني، لكن ليس جميع الرجال حنونين عطوفين مثلي، ولستُ أنا أفضل الرجال، وقد كنت سأرفض حتى لو لم يكن من تعتقده مناسبًا لها على أية حال. أنا أجبرتها على رفضه! أنا أجبرتها على رفضه! كررت تلك العبارة أكثر من مرة لأستحث خلايا المخ لدي لتتذكر معي إن كان هذا هو سبب بكائهم.
حسنًا ربما يجدر بي أن أتحدث معهم. خطوة ثم أخرى ثم وقفت عند الثالثة حيث خرج طفل يبدو أنه في الثالثة من العمر يجري لحازم وهو يصرخ بكلمة "أبي"!!
تلاشت الأفكار من رأسي وتذكرت أن زواجهما كان بالفعل قبل أربعة سنوات. في تلك اللحظة تحدثت ملاذ إلى حازم وهي تضحك مُشيرةً إليّ "انظر عزيزي، أخبرتك أن ذلك غير صحيح، أبي يقف على ضفة الشارع" ثم أمالت رأسه بيدها باتجاهي، ونظر لي بحزن عدة ثوان، ثم لها بشفقة بعد أن خرجت منه تنهيدة عميقة، أمسك يديها ونظر لها بعطف وهمس "لا بأس. أعلم ذلك كبير لتُصدقيه لكنه بالفعل رحل عزيزتي.."
نورة العتيبي
Comments