-شكراً لتسوقك في متجرنا، استمتع.
خرجت حاملاً أكياساً عدة من متجر البقالة، كان الجو ساحراً، بدا كما لو أن الزمن قد توقف فجأة وأن الهواء تلاشى، نسيمٌ صامتٌ غريب يهب في هذا الجمود كلغزٍ تتساءل عنه حواسك، كما لو أنني خرجت من البوابة لعالمٍ سيريالي، حيث يطفو متجر البقالة وسط أفق سرمدي أمدي، الغروب ينتشر في الأفق بصبغة برتقالية متدرجة عبره، سحابٌ زهري ممشط خلاله، خُيل إلي رؤية النجوم مشعة واضحة في السماء، مشيت نحو شاحنتي متظاهراً باعتيادي على الجو هنا وموارياً لانتشاء حواسي بهذا المنظر المهيب. وصلت للباب ووجدت قطاً واقفاً بجواره ينظر نحوي بشخوص بالغ، بدا لي بأن هذا المساء استثنائي ولن يمر كغيره أبداً، حاولت إبعاده ولكنه لا يرمش حتى، حاولت البحث عما أطعمه إياه في بقالتي لإبعاده ولم أجد، وضعتها جانباً وجلست بمحاذاته لأرى ما هو شاخص إليه، كما كنت قبلاً كان ينظر للسماء، أدركت بأن هذا المساء استثنائي ولن يمر كغيره أبداً، فحتى لمخلوق كقط شارع يقضي جل حياته منشغلاً بما في الأسفل من مشتتاتٍ يقف الآن ويشاطرني الشعور نحو هذا الغروب المهيب الآسر. أنزل القط رأسه ونظر إلي، شعرت بنظرته تنتظر مني فعل شيء ولكنني لم أفعل، نظرت إليه في المقابل، بدت لي حكمة لم أعهدها من مخلوقات عشوائية تطفو فوق كل حكمة ومعنى، وقفت وفتحت له باب شاحنتي، نظر إلي ووثب داخلها، ركبت أنا الآخر، غروبٌ مهيبٌ كذكرى مميزة لرفقة عميقة لكلينا.
سديم الراجحي
تصورت المشهد، وكأنه مساء غريب واستثنائي فعلًا!
جميل جدًا سديم ❤️